من أعلام حضرموت.. أبوبكر بن شيخ الكاف.. فارس عربي أصيل وزعيم حكيم
وليد محمود التميمي:
خمسة فصول وملحقان للوثائق والصور النادرة شكلت محتوى كتاب (أبوبكر بن شيخ الكاف - الزعيم الحكيم) المكون من 302 صفحة، الكتاب الذي ألفه وجمع مادته جعفر بن محمد بن حسين السقاف وعلي بن أنيس بن حسن الكاف، صدر عن دار تريم للدراسات والنشر.
وتناول الفصل الأول في الكتاب نبذة عن حياة وسيرة الزعيم الحكيم بدءا من ميلاده في جزيرة سنغافورة في شهر صفر سنة 1305هـ - 1881م مرورا بنشأته وترعرعه في مدينة تريم في كنف والده شيخ بن عبدالرحمن الكاف في بيئة زاخرة برجالات العلم والصلحاء والمربين الفاضلين، فتعلم منذ صغره القرآن ودرس مبادئ العلم الديني المقررة في مسجد سرجيس الواقع في حارة السحيل بمدينة تريم على يد الشيخ العالم محمد بن أحمد بن سالم الخطيب.
حياته الدينية وتأثره الروحي
وبعد أن عرج المؤلفان على حياة الزعيم الدينية وتأثره الروحي وأهم مزايا شخصيته وأمارات كرمه الواسع وبسطه، أبحرا في الفصل الثاني في حلقات عن أهم أعمال ومنجزات أبوبكر بن شيخ الكاف، ومن بينها طريق الكاف الحلم الذي أصبح حقيقة، وشق طريق تريم - ساه - رسب، وشق طريق المعجاز تريم - سيئون، مع استعراض جهوده التي قام بها في سبيل تحقيق الأمن والسلام في حضرموت بعد توقيع معاهدة الاستشارة مع البريطانيين أواخر ثلاثينيات القرن المنصرم وتعاونه مع المستشار أنجرامس على وضع خطة أمان حضرموت التي تقضي بإقناع القبائل بوضع السلاح تمهيدا للتصالح والتسامح.
مساهمته في تخفيف آلام المجاعة في حضرموت
كما أفردت صفحات في الفصل ذاته للحديث عن دور الزعيم الحكيم في تعزيز مساعي الإصلاح الكامل في حضرموت، وإسهاماته في نشر التعليم واهتماماته بالثقافة والإعلام والصحة والزراعة وتطويرها، ودوره في تخفيف آلام المجاعة في حضرموت في العام 1944 بتخصيصه قصره (بن داغر) كمسكن لأعضاء البعثات الأجنبية لنظارة إغاثة حضرموت، واستخدام قصره الثاني (بن قالة) ليكون مستودعا ومطبخا ومطعما للجائعين.
الفصل الثالث كرست مادته للخوض في العلاقات التي نسجها أبوبكر بن شيخ الكاف مع سلاطين الدولة القعيطية والكثيرية ورحلاته خارج الوطن وخاتمة حياته ووفاته في العام 1385هـ بعد تأديته مناسك الحج.
عطفه وعبقريته
ما كتبه المؤرخون والمعاصرون وبعض الرحالة المستشرقين عن صفات وخصال الزعيم الحكيم شكل محتوي صفحات الفصل الرابع من الكتاب، فمن كتاب (الدور الكافي) يبرز موضوع للأستاذ محمد بن هاشم بن طاهر العلوي تحدث فيه عن عطف أبي بكر على العلماء وعبقريته، موضحا الأسباب التي أطلق على خلفيتها الأدباء تسمية بيته باسم (بيت الأمة)، بعد أن أصبح كعبة مقصودة يؤمها السواح وطلاب العلم وأرباب الحاجات من كل الطوائف الأجنبية، كما كتب عنه السيد النسابة محمد ضياء شهاب (في تعليقاته على كتاب شمس الظهيرة)، وفيما كتبه عنه بعض المستشرقين يتحدث المستر أنجراس في محاضرة ألقيت باللغة الإنجليزية عن الأمان بحضرموت قائلا: «إنني لا أعرف في البلاد رجلا آخر مثله نال هكذا استحقاق وثقة عظمى ممتدة الصيت، ذلك لأنه إنما يهتم دائما بالمصلحة العامة لا الشخصية فقط، ولا بحزب أو طائفة مخصوصة».
إجلال وذكرى عطرة
وفي مقتطفات من كتاب من إصدار الجمعية البريطانية اليمنية يشير مضمونه إلى أن السيد أبوبكر كان مصلحا ومحسنا كبيرا، وسيبقى اسمه يذكر بإجلال على مدى المستقبل البعيد.
الفصل الخامس من الكتاب نثرت في سطور صفحاته قصائد شعرية حكيمة - حمينية، قيلت في الزعيم أبي بكر بن شيخ الكاف.
وثائق وصور نادرة
في حين تضمن ملحق الوثائق مجموعة من المخطوطات والخطابات والرسائل أبرزها نموذج للهدنة الموقعة بين الكثيري والقعيطي وقبائل حضرموت سنة 1355هـ، ووثيقة توضح قوانين لجنة أمان حضرموت المشكلة لحل النزاعات بين القبائل، ووثيقة من الحكم الذي أصدره الزعيم أبوبكر بن شيخ الكاف لاسترجاع بعض أملاك ابن عبدات لأولاده التي صادرتها الحكومة بعد الحرب، ونموذج وثيقة التنازل عن الحقوق والامتيازات لطريق الكاف وطريق تريم ساه لحكومتي الكثيري والقعيطي، وصورة لجواز سفره إلى المملكة العربية السعودية لأداء مناسك الحج والعمرة وصورة لجواز الزعيم الحكيم الذي سافر به إلى سنغافورة، وصورة الدعوة الموجهة من الملك فيصل للزعيم أبي بكر الكاف.
ملحق الصور تضمن بدوره أكثر من 30 صورة جلها صور تذكارية للزعيم الحكيم منذ ريعان شبابه حتى آخر أيامه، بينما صفحة الغلاف الخارجي للكتاب تضمنت أبياتا شعرية للحبيب العلامة عبدالقادر بن أحمد السقاف يقول فيها:
هذا الزعيم أتاه من مسعاه في
الإصلاح والإحسان والقربات
إيه أبابكر لقد بلغت في الآ
مال فوق القصد والغايات
في حين يردف الشيخ عبدالقادر بن محمد الصبان قائلا:
فضلا زعيم القطر قم وانهض بنا
نحو العلايا يا أحكم الزعماء.